الاعمى إذا أراد الصلاة فعليه أن يتحرى القبلة باللمس للحيطان إذا كان صاحب البيت، وإلا فعليه أن يسأل من حضر عنده، فإن لم يكن عنده من يسأله تحرى وصلى بالاجتهاد الغالب على ظنه، ولا إعادة عليه، كالبصير إذا اجتهد في السفر ثم تبين له خطأ اجتهاده فلا إعادة عليه. logo شرع الله تطهير هذه الأعضاء وغسلها وتنظيفها عند القيام إلى الصلاة أو عند وجود حدث؛ حتى يصير المصلي نظيف البدن، وحتى يحصل له النشاط والقوة، وحتى يقبل على الصلاة بصدق ومحبة ورغبة إن المسلم الملتزم بدين الله ، والذي سار على صراط الله المستقيم ، سيجد دعاة الضلال والانحراف؛ وهم واقفون على جانبي الطريق، فإن أنصت لهم والتفت إليهم عاقوه عن السير، وفاته شيء كثير من الأعمال الصالحة. أما إذا لم يلتفت إليهم؛ بل وجه وجهته إلى الله فهنيئا له الوصول إلى صراط ربه المستقيم الذي لا اعوجاج فيه ولا انحراف إن أهمية الوقت معلومة عند كل عاقل؛ ذلك أن وقت الإنسان هو رأسماله، وهو عمره أيامه ولياليه، فإذا ما ضاع رأس المال، ضاعت الأرباح، وإذا عرف الإنسان ذلك، حرص على أن يستغلها ويستفيد منها وألا يضيعها، ليكون بذلك رابحا    عيادة المريض سنة مؤكدة، وقد رأى بعض العلماء وجوبها. قال البخاري في صحيحه: باب وجوب عيادة المريض. ولكن الجمهور على أنها مندوبة أو فرض على الكفاية، وقد ورد في فضلها قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع" رواه مسلم. (الخرفة: اجتناء ثمر الجنة)
shape
الفتاوى الذهبية في الرقى الشرعية
181334 مشاهدة print word pdf
line-top
كلمة في المعضد

من عبد العزيز بن عبد الله بن باز إلى حضرة الأخ المكرم .. زاده الله من الفهم والإيمان، آمين.
سلام عليكم ورحمة الله وبركاته - وبعد:
كتابكم المؤرخ 14\ 1\ 1385 ص وصل وصلكم الله ،بهداه وقد سرني علم صحتكم الحمد لله على ذلك، كما سرني أيضًا ما أبديتموه من الملاحظة على جوابي في المعضد ووعدتكم في بحث الموضوع من جميع النواحي إلى آخره.
وأفيدكم أن الأسباب تختلف وتتنوع كثيرًا مع قطع النظر عن الاعتقاد، فمنها ما هو جائز، ومنها ما هو مكروه ويجوز عند الحاجة، ومنها ما هو محرم إن كان الفاعل يعتقد أنها أسباب وأن الشافي هو الله وحده.
فمن الأول: ما يتعاطاه الناس اليوم من الأدوية المباحة، كتناول الحبوب والإبر والضمادات، والأدهان ضد الأمراض التي يقرر الأطباء علاجها بذلك، وكالأشعة الكهربائية فهذه وأشباهها من الأسباب الجائزة، التي جربت وعرف نفعها من دون مضرة، إذا اعتقد متعاطيها أنها أسباب وأن الشفاء من الله وحده.
ومن الأسباب المكروهة الكي، لما ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: الشفاء في ثلاث: كية نار، وشرطة محجم، وشربة عسل، وما أحب أن أكتوي وفي لفظ آخر: وأنا أنهى أمتي عن الكي أخذ العلماء من هذا الحديث الشريف كراهة الكي، وأنه إنما يستعمل عند الحاجة، وينبغي أن يكون آخر الطب، عند تعذر أو تعسر غيره.
ومن النوع الثالث -وهو التداوي بالأسباب المحرمة - التداوي بالخمر ولحوم السباع، وأشباه ذلك من الأطعمة والأشربة المحرمة؛ فهذه الأشياء لا يجوز التداوي بها، ولو زعم بعض الناس أن فيها نفعًا، ولو اعتقد أن الله هو الشافي وأنها أسباب؛ وما ذلك إلا للأدلة الدالة على تحريم التداوي بالنجاسات والمحرمات، ولو قدر أن فيها بعض النفع؛ لأن ضرره أكبر، ولأنه ليس كل ما فيه نفع يباح استعماله، بل لا بد من أمرين:
أحدهما: أن لا يرد فيه نهي خاص عن الشارع -صلى الله عليه وسلم- والأمر الثاني: أن لا تكون مضرته أكبر من نفعه، فإن كانت مضرته أكبر، لم يجز استعماله، وإن لم يرد فيه نهي؛ لأن الشرع الكامل ورد بتحريم ما يغلب ضرره كالخمر؛ ولهذا جاء في الحديث الصحيح عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: عباد الله تداووا ولا تتداووا بحرام وفي لفظ آخر: إن الله لم يجعل شفاءكم فيما حُرم عليكم وصح عنه -صلى الله عليه وسلم- أن رجلا سأله عن الخمر يصنعها للدواء فقال له النبي -صلى الله عليه وسلم- ليست بدواء ولكنها داء .
ومما تقدم تعلمون أن المعيار في التحليل والتحريم ليس هو اعتقاد الإنسان، وإنما المعيار هو الأدلة الشرعية؛ لأن الإنسان قد يعتقد أن الشفاء من الله ويتعاطى أسبابًا محرمة كأهل الشرك، فإنهم يتعلقون بآلهتهم ويعبدونها من دون الله، ويقولون: إنها تقربهم إلى الله زُلفَى، وتشفع لهم لديه، ولا يعتقدون أنها تتصرف بذاتها في شفائهم، أو رد غائبهم أو الدفاع عنهم، كما قال الله -سبحانه- وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَؤُلَاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ الآية، وقال -تعالى- فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ أَلَا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِي مَا هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ كَاذِبٌ كَفَّارٌ .
والأدلة في هذا المعنى كثيرة، وقد يتعاطى الإنسان أسبابًا هي في نفسها جائزة: كالرقية الشرعية، وتناول الحبوب والإبر المشتملة على المواد المباحة، فيحرم عليه تناولها إذا اعتقد أنها هي الشافية وليس ربه وخالقه، وأنه هو الذي بيده الشفاء.
إذا عرف هذا فمسألة المعضد، هل تلحق بالأسباب الجائزة كالإبر والحبوب، أو المكروهة كالكي ونحوه? أو تلحق بالأسباب المحرمة، كتعليق التمائم والحلقات والخيوط والودع على الأولاد عن العين أو الجن أو بعض الأمراض? وكتعليق الأوتار على الدواب كما كان أهل الجاهلية يفعلون ذلك، وقد زجرهم النبي -صلى الله عليه وسلم- عن ذلك وأخبر أنه من الشرك، مع أنهم يعتقدون أن الله -سبحانه- هو النافع الضار، وهو الذي يدبر الأمر، وهو الذي يكشف الضر ويجلب النفع، والدليل على ذلك قوله -تعالى- قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أَمَّنْ يَمْلِكُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَمَنْ يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَمَنْ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ فَسَيَقُولُونَ اللَّهُ فَقُلْ أَفَلَا تَتَّقُونَ .
فهذه الآية الكريمة أمر الله فيها نبيه -صلى الله عليه وسلم- أن يسأل المشركين عن هذه الأشياء، وأخبر أنهم سيقولون: إن فاعلها هو الله وحده؛ ولهذا قال -تعالى- فَقُلْ أَفَلَا تَتَّقُونَ المعنى: أفلا تتقون الله في ترك الشرك به وأنتم تعلمون أنه -سبحانه- هو المتصرف في هذه الأمور والمدبر لها، وقال -تعالى- وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ قُلْ أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ أَرَادَنِيَ اللَّهُ بِضُرٍّ هَلْ هُنَّ كَاشِفَاتُ ضُرِّهِ أَوْ أَرَادَنِي بِرَحْمَةٍ هَلْ هُنَّ مُمْسِكَاتُ رَحْمَتِهِ قُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ عَلَيْهِ يَتَوَكَّلُ الْمُتَوَكِّلُونَ .
والآيات في هذا المعنى كثيرة، وهي دالة على أن المشركين يؤمنون بأن الله -سبحانه- هو النافع الضار، وهو الكاشف للضر، الجالب للنفع، وهو الذي يحيي ويميت، ويدبر الأمر، ولكنهم يعبدون آلهتهم من الأصنام والأشجار والأنبياء والأولياء والملائكة، بقصد الوساطة والشفاعة، وهكذا ما يتعاطونه من تعليق التمائم والأوتار والحلقات والخيوط على الأولاد والدواب هو من باب الأسباب عندهم، لا أنها شافية بنفسها، ولكنها لما كانت أسبابا محرمة تقتضي تعلق قلوبهم بها، والتفاتهم إليها، وغفلتهم عن الله سبحانه، أنكرها عليهم النبي -صلى الله عليه وسلم- وزجرهم عنها، ولأنها قد تجرهم إلى شرك أكبر، وفساد أعظم.
ومن أجل ذلك اختلفت وجهة نظر المشائخ الذين بحثت معهم موضوع المعضد، هل يلحق بالأسباب الأخيرة؟ وقد بينت في الجواب الذي أرسلت صورته لكم، أن الأقرب إلحاقه بالأسباب الأخيرة المحرمة؛ لأنه من جنس الحلقات والتمائم والأوتار التي جاء فيها النهي؛ لأن الذين تعاطوها من أهل الجاهلية ومن سلك سبيلهم، إنما استعملوها لظنهم أن فيها نفعًا، جعله الله فيها وخصها به، وإن كان الله هو النافع الضار، لكنه -سبحانه- خلق في مخلوقاته أنواع النفع، وأنواع الضرر، وفاوت بين ذلك على مقادير مختلفة، فمن أجل ذلك وقع الناس فيما وقعوا فيه، من تعاطي الأسباب الجائزة والمحرمة، ولا سبيل إلى التمييز بين هذا وهذا، إلا من طريق الشرع المطهر، فما عرف أنه من جنس الأسباب المحرمة فهو محرم، وإن قدر فيه بعض النفع، وما عرف أنه من جنس الأسباب الجائزة فهو جائز، وإن كان فيه بعض الضرر، إذا كانت منفعته أكثر، وما عرف أن الشرع نهى عنه ومنع منه فالواجب تركه مطلقًا، كالخمر ولحوم السباع.
ومعلوم أن لبس المعضد يبقى على الإنسان كما تبقى الحروز والتمائم الأيام والليالي والسنوات، بخلاف الحبة التي يأكلها، ويفرغ منها، وبخلاف الإبرة التي يستعملها وينتهي منها، فليس المعضد من جنس هذه الأشياء، بل هو أشبه بلبس الحلقة التي ورد فيها حديث عمران بن حصين المذكور في الجواب الذي أشرفتم عليه، وهو أشبه أيضًا بلبس التمائم والودع والأوتار، ومما تقدم تعلمون وجهة نظري ونظر المشائخ الذين قالوا بمنع لبسه والله -سبحانه وتعالى- أعلم.
ومما يؤيد ذلك أن تعاطي لبسه قد يفضي بالناس إلى لبس كل ما جاء من الغرب، مما يدعى فيه النفع، حتى تعظم المصيبة ويكبر الخطر، ويغفل الناس عما جاء به الشرع المطهر، في تنويع الأسباب وتفصيلها، ووجوب التحرز مما حرم الله منها، وأسأل الله -سبحانه- أن يوفقنا وإياكم وسائر المسلمين لما فيه رضاه، وأن يمنحنا جميعًا الفقه في دينه والثبات عليه، وأن يعيذنا وإياكم وسائر المسلمين من مضلات الفتن؛ إنه على كل شيء قدير، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .

line-bottom